ذِكْرٌ...وتَذَكرٌ!
يشهد واقع اليوم اضطرابا على مختلف الأصعدة ,
يجبرنا على تكيف مساعينا حسب ما يتطلبه , ويضع أمامنا عراقل تحول دون تبليغ الدين
الإسلامي بيسر , لذا وجب على الناصح والواعظ , مضاعفة جهده , خاصة مع التطورات
التي يشهدها واقعنا الحالي , من تطور في وسائل تهدف إلى إضلال , وإفساد الشباب من
جهة , وتخدير عقولهم من جهة أخرى , ونلمس ذلك في تدني المستوى العلمي ,الذي يعد
ركيزة أساسية , خاصة في الأقصى الغربي من العالم العربي الإسلامي .
من خلال ذلك, يجب مخاطبة الناس على قدر
عقولهم , وعلمهم , وكما قال القائل : " لكل مقام مقال " ؛ أي لكل فئة
نوع من الخطاب الذي يناسبها , لذا وجب إعادة النظر في الوسائل المعهودة التي
نعتمدها , وعلينا أن نكيف هذه الأخيرة مع
ما تتطلبه المرحلة الراهنة , في حين نجد أن الوسائل السلبية تشهد تطورا ملفتا
للنظر . بالتالي على الداعي إذن أن يغير من أسلوبه , وطريقة خطابه و بأن يستدعي
آليات عمل جديدة , تخوله تبليغ حمولته الدعوية إلى العامة , بمرونة وسلاسة .
وتبعا لذلك فالإنسان المسلم مستخلف في الأرض
, عليه أن يبلغ رسالة الإسلام , كما فعل الأنبياء المرسلون من قبل, إلى العالمين .
بالتالي عليه أن يسخر مجموعة من الآليات , والطرق الناجعة المستحدثة , ومن ضمنها
وسائل التواصل الإجتماعي التي تشهد إقبال جميع الفئات الإجتماعية , وتعتبر محط
تواصل رئسية , يجب استخدامها كواسطة دعوية مع أي إنسان على اختلاف موطنه , ولغته ,
وباعتبار الشباب وجهة , وقوة اجتماعية , فإن عولمة اليوم تسلط عليه الضوء ,
وتستهدفه , وتعمل على إضلاله عن الطريق السوي , و الفطرة السليمة التي فطره الله
تعالى عليها . فمديري هذه الوسائل ينطلقون من الشباب , لتمرير انتقاداتهم ,
ورسائلهم . إذن على الداعي , وإن وصل الوعي لديهم إلى أدنى حده , ان يذكر ويعظ ,
ويسعى إلى إنقاذ أعمدة المجتمع , وشباب الأمة .
إن
الداعي للحق , الهادي إلى الطريق الصحيح , يجب أن يعلم , أن الإسلام فطرة مبثوثة
في نفوس العباد , وهذا ما نلمسه في مجتمعاتنا , رغم كون الشخص , يخالف ما أمر الله
به , فإنه حين يسمع وعظا , وإرشادا, ينقاد له . وبذلك يحترم من يعمل به , وذلك
راجع إل الفطرة الصافية النقية ؛ التي جبل عليها في صغره . إذن عليه أن يهيج فقط الفطرة
لديه , و يحركها في نفسيته , ذلك أن
المسلم عادة ما ينسى , ويغفل عن مجموعة من الأمور , التى طلبت منه , وتجده ينصاع
إلى أمور دنيوية لا فائدة ترجى فيها , يجري وراء ملذات الدنيا , إلا إذا ما جاء
أخوه المسلم يذكره , وينبهه ؛ لتصحيح المسار الذي يسير عليه.
الداعي للحق يجب أن يكون حكيما , وان يرسل
خطابة بمرونة , بأن ييسرلا أن يعسر , وأن لا يشدد في تواصله , لقوله تعالى "
ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن " من خلال
هذه الآية يتبن الظوابط التي يجب أن تتوفر في الواعظ , وهي حكمة التبليغ , إسداء
النصيحة من غير الإكراه على فعل الشيء، وأن تتواصل بكلام حسن , وهذه من ميزات
الداعي المربى , الذي يتمتع بسمت حسن في الملبس ، و حسن المعاملة ، من هنا تيسر
لديه طرق الدعوة . وتعتبر الدعوة بالحال هي الأنجع لدعوة أي شخص ، لأن الإنسان
بطبعة كل ما يراه بشكل معتاد ويعتبره جيدا يعمل به .
ونخلص إلى أن الإنسان مجبول على النسيان
والخطأ ، لذا وجب التذكير ، وإسداء النصيحة له . وهذا لا يتأتى إلا بوجود رهط من
الناس يتناصحون في ما بينهم، يتآمرون بالمعروف ، ويتناهون عن المنكر، وتجمعهم المودة ، والرحمة ، والأخوة .
بقلم : الطالب الباحث زكرياء تغيا
,
تعليقات
إرسال تعليق